التلفاز
التِلْفَاز أو الرائي (الجمع: رائيات) أو التلفزة أو التلفزيون أو المِرْناة أو هو تحويل مشهد متحرك، وما يرافقه من أصوات، إلى إشارات كهربائية ثم نقل الإشارات وإعادة تحويلها بجهاز استقبال إلى صورة مرئية متحركة مرفقة بصوت. ويعد التلفاز أكثر وسائل الاتصال الجماهيرية أهميةً وتأثيرًا نظرًا لما يتمتع به من خصائص ومميزات يتفوق بها عن غيره من وسائل الاتصال الجماهيرية الأخرى والتلفاز يقدم مواد عبر قوالب وأشكال متعددة ومتنوعة يمكن أن نقسمها إلى قسمين :
وتحتل الأعمال الدرامية مساحة كبيرة على خريطة البرامج التلفازية تصل في كثير من الدراسات الإحصائية إلى أكثر من ربع تلك المساحة وتبرز المسلسلات التلفازية من بين هذه الأعمال وأهمها وأكثرها تأثيرًا وجذبًا وقبولًا لدى الكثير من مشاهدي التلفاز.
التصوير
عندما توجّه الكاميرا التلفازية إلى مشهد يراد تصويره في الأستديو تتركز الأشعة المنبعثة من ذلك المشهد على لوح كهرضوئي photoelectric مكسو بآلاف الحبيبات الحساسة للضوء. وفي الكاميرا تُطلق مدفعة كهربائية electric gun حزمة رفيعة من الإلكترونات تتحرك ذهابا وإيابا عبر اللوح الكهرضوئي، أو الهدف target، بنفس الطريقة التي تمر بها العين على سطور صفحة مطبوعة أو مخطوطة. وتعرف هذه العملية بـ «المسح» scanning، وخلال ذلك تُطلق الحُبيبات الحساسة للضوء إشارات كهربائية تتفاوت تبعاً لشدة الضوء عند كل نقطة، ومن هنا فإن البذلة الداكنة تحدث إشارات كهربائية أضعف من تلك التي تُحدثها البذلة البيضاء. والواقع أن النقطة الناشئة عن الحزمة الماسحة scanning beam تتحرك عبر «الهدف» بسرعة تمكّنها من «مسحه» في جزء من ثلاثين جزءاً من الثانية. وهكذا تتكوّن «صورة كهربائية للمشهد المصور خطاً بعد خط وبسرعة فائقة بحيث تعجز العين عن تتبُّع حركة النقطة الماسحة scanning spot. وفي الوقت نفسه يلتقط الميكروفون الصوت المرافق للمشهد، فينقل هوائي الإرسال الصورة والصوت على شكل موجات كهربائية يلتقطها هوائي الاستقبال. وفي جهاز الاستقبال يقوم أنبوب أشعة الكاثود بعكس العملية. وبنفس السرعة التي تعمل بها كاميرا الأستديو تقوم حزمة من الإلكترونات بقذف سطح الأنبوب المكسوّ عادة تتوهج عندما تسقط عليها الحزمة الإلكترونية. وتفوق قوة هذا التوهج على قوة الإشارات، وهي نفس القوة التي كانت لها في الأستديو، وهكذا نرى نسخة طبق الأصل عن المشهد المصوَّر هناك. والتلفاز اليوم أداة تسلية وإعلام وتثقيف، وقد طُوِّر في السنوات الأخيرة بحيث أصبحنا نشاهد نشرات الأخبار ومختلف البرامج التلفازية مبثوثة بالألوان الطبيعية. ليس هذا فحسب، بل لقد أمسى في ميسورنا اليوم أن نستأجر أو نشتري ما نرغب في مشاهدته من أفلام سينمائية مسجَّلة بمجرد وضع الشريط cassette أو العُليبة الحاملة للفيلم المسجَّل في جهاز صغير ملحق بالتلفاز يُعرف بجهاز الفيديو video. ويُعتبر فلاديمير زووريكين Zworykin أبا التلفاز، وقد اخترعه في ما بين عام 1923 وعام 1924.
يوجد نوعان من محطات التلفاز: المحطات التجارية والمحطات العامة. تدار المحطات التجارية بواسطة شركات خاصة. وتبيع هذه الشركات وقت الإعلانات لتغطية نفقات التشغيل، بالإضافة لتحقيق ربح للشركات التي تدير المحطات. أما محطات التلفاز العامة فهي محطّات لاتهدف إلى الربح وتدار وفق ترتيبات خاصة. فمثلاً تحصل هيئة الإذاعة البريطانية على التمويل من رسوم الترخيص التي يدفعها مالكو أجهزة التلفاز وهي لا تبيع وقتًا للإعلانات. وتعتمد محطات التلفاز العامة في معظم الدول، على مساهمات قطاع الأعمال، والحكومة، والجمهور، وذلك لتغطية نفقات التشغيل، ومن ثم فإنهم يتخذون قراراتهم بشأن محتويات البرامج بأنفسهم. وفي دول أخرى تقوم الحكومات بإدارة محطات التلفاز التي تتخذ القرارات بشأن محتويات البرامج. وبصفة عامة لا تبيع هذه المحطات وقتًا للإعلان.
يستطيع الأفراد في بعض الدول الاشتراك في أنظمة التلفاز الكبلي (خط المايكروويف) وأنظمة البث لمشاهدون رسومًا لهذه الخدمات.
كما توجد استخدامات أخرى للتلفاز غير بث البرامج للمنازل. فمثلاً، تستخدم المدارس، وقطاع الأعمال، والمستشفيات، وغيرها من المنظمات دوائر التلفاز المغلقة. وترسل الإشارات في مثل هذه الدوائر عبر أسلاك إلى أجهزة تلفاز بعينها، ولا تستطيع بقيّة الأجهزة الموجودة في المنطقة التقاط تلك الإشارات بالطريقة العادية.
وقد غيرت الأجهزة الحديثة كمسجلات الفيديو كاسيت، ومشغلات أقراص الفيديو، والحاسوب الشخصي منذ أواخر السبعينيات طريقة استخدام الناس للتلفاز في منازلهم. فمثلاً، أصبحت أجهزة التلفاز تستعمل في ممارسة الألعاب الإلكترونية، واستقبال خدمات المعلومات التلفازية.
التلفاز والصحة العامة
حتى مع منع الإشهار على التدخين والمواد الكحولية يبقى للبرامج التلفزية وبعض الأفلام دور مؤثر يساهم في حقن تصورات تقرن بين الرجولة والفحولة والسلوكات الكحولية والتدخين.
التفاعل مع التلفاز، يعتمد حاسة السمع وحاسة البصر ويهمل الثلاثة المتبقية من الحواس الخمس. مع كل ما يترتب عن ذلك من خسران معرفي.
أما بخصوص العضلات فإن الطفل المواظب على متابعة التلفاز، أقل من 5% من سائر العضلات بالمقارنة مع اللعب مع الأطفال. ويعطى الوضع الجسمي والانفعالي الذي يتبناه الطفل مدة ساعات مطولة فرصة إضافية للسمنة وخمول الأعضاء ونقص في الحركة النفسية والدموية.
كيفية عمل التلفاز
يَعْرِضُ التِّلفاز صُوَراً ثابتةً ولكِنَّا نراها متحركة لتتابعها بسرعة تَظَلُّ معها العين محتفظة بالصُّورة السَّابقة. وللحصول على هذا الانطباع الحركي تُعْرَضُ على السِّتارة ثلاثون صُورَةً متتاليةً في الثانية.
وتُقْسَمُ كُلُّ صُورةٍ إلى عدد من الخُطوط (625 خطاً في الأجهزة الحديثة و405 في القديمة) يحوي كُلُّ خَطٍّ منها عِدَّةَ آلاف جُزَئْيَةِ نُورٍ أو ظُلْمَةٍ. وللحصول على صورة جيدة تُفْصَلُ الخطوط إلى جُزَيئاتٍ دقيقة قد تَصِلُ إلى 200 ألف في مجموعها. وتحوي الكاميرا التلفازيَّة صَفيحةَ إشارات مُغَطّاة بنِقاط حَسَّاسَةٍ للضَّوء (من مادَّة كيماويَّة لها هذه الخاصَّة) تُقابِلُ كُلُّ نُقْطةٍ منها إحدى المئتي ألف من الجزيئات الدقيقة. وتتحَرَّكُ حُزْمَةٌ إلكترونيَّة ماسحة عبر الصَّفيحة خطًّا خطًّا وتَبْعَثُ الإشارات الملتقطة من النِّقاط. ثُمَّ تُضَخَّمُ هذه الإشاراتُ وتُبَثُّ. وعند استقبال هذه الإشارات في جهاز تلفازي تجري تقويتها ثُمَّ تُعْرَضُ على أنبوب الصُّورة (أنبوب الأشعة الكاثودي) الذي تتولَّدُ فيه حُزْمَةٌ إلكترونيَّةٌ أخرى. وتتحَرَّكُ هذه الحُزْمَةُ ماسِحةً عَبْرَ السِّتارة 625 مَرَّةً لِتكَوِّنَ 625 خطًّا، وعند نهاية كُلِّ خَطٍّ تَرْتَدُّ الحُزْمَةُ بسرعة لتبدأ الخَطَّ التالي. وتُمْسَحُ مجموعة الخطوط السِّتِّمائة وخمسة وعشرين في 1\30 من الثانية، وتُسَمَّى كُلُّ مجموعة منها إطاراً. وفي أثناء مسح الحُزْمَة خلف ستارة الجهاز تَضْعُف الحُزْمة أو تَشْتَدُّ بالنسبة إلى ضَعْفِ أو شِدَّة الإشارات المُرْسَلَة (أي بالنسبة إلى شِدَّة الإشارات المُلتَقَطَةِ من النِّقاط الحسَّاسة للضَّوء في الكاميرا). ولَمّا كانت ستارة الأنبوب الكاثُودي فَلْوَرِيَّةً لِتغَطِّيها بموادَّ كيماويَّة خاصَّةٍ فإنَّها تتألَّق بصَدَمات الحُزْمَة الإلكترونية ويَشْتَدُّ هذا التَّألَّقُ الضَّوئي باشتداد الحُزْمة. ويشتمل الجهاز أيضاً على مِجهارٍ لإنتاج الصَّوت وعلى نظام مُزامَنَةٍ للتوفيق بين الصَّوت والصُّورة المُبْتَعَثَيْن.
وفي أجهزة التَّلْفَزة المُلوَّنة، الأكثر تعقيداً، تعمل ثلاث حُزَمٍ إلكترونية تَخْتَصُّ كل منها بأحد الألوان الأوَّليَّة وهي الأحمر والأزرق والأخضر ناقِلَةً صورة مستقلة للمشهد. ويتميَّزُ سِتارُ أنبوب الصُّورة بتغشِيَةٍ من حوالى ¼ مليون نقطة من مادة مُتَفَسْفِرة مُوزَّعةٍ في مجموعات ثلاثيَّة فُسَيْفِسائيَّة. وعندما تُسَلَّطُ الحُزْمَةُ الإلكترونية الماسحة في جهاز الاستقبال على هذه المجموعات تَبْتَعِثُ الواحدة منها ضوءًا بلونها فقط. أي إنَّ النِّقاط المُتَفَسْفِرَةَ الزَّرقاء تَبْتَعِثُ ضوءًا أزرق عندما تَسْقُط عليها الحُزْمَةُ الحامِلةُ الإشارة الزَّرقاء وهكذا الحمراء والخضراء. وهذه الألوان الثلاثة يُمكِنُ مَزْجُها بِنِسَبٍ مختلفة لِتُنْتِجَ بقيَّة الألوان الأُخرى في المَشْهد المُتَلْفَز. ويُمكِنُ بَثُّ الإرسال التِّلفازي لاسلكياً، كما هي الحال في برامج التسلية والإمتاع، أو عبر الأسلاك في دائرةٍ تلفازية مُقْفَلةٍ. وهذا النوع من الإرسال في دائرةٍ مُقْفَلةٍ له أغراض متعددة، فبواسطته مثلاً يُمكِنُ لطلاب الطِّب مشاهدة تفاصيل عملية جراحية منقولة من غرفة العمليات في أحد المستشفيات.
الأهمية
التلفاز من أهم وسائل الإعلام، وله دور في صناعة الرأي العام للشعوب. وإحدى الاستخدامات الأساسية بالنسبة للمشاهد هو التسلية وامضاء وقت الفراغ بالإضافة إلى الحصول على المعلومات ومشاهدة آخر الأخبار. لذا نرى أن له أهمية كبيرة لدى الحكومات والقادة حيث أصبح من أوائل رموز السلطة والاستيلاء على مقر التلفاز (عادة الحكومي) على قائمة مهام مديري الانقلابات والمحتلين.
في السابق اعتمد المرناة على التقاط الموجات الأرضية فقط باستعمال هوائي. وبتطور تقنية الاتصال صار بالإمكان الآن التقاط موجات لقنوات جديدة عبر الفضاء تبث من «سواتل» أقمار صناعية تدور حول الأرض. ونتج عن ذلك زيادة هائلة لعدد القنوات صارت تعرف بالفضائية وأصبحت بالمئات هذا ما عزز دور أجهزة التحكم عن بعد في عملية اختيار قناة.